عافك الخاطر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

خديجة بنت خويلد أم المؤمنين

اذهب الى الأسفل

خديجة بنت خويلد أم المؤمنين Empty خديجة بنت خويلد أم المؤمنين

مُساهمة من طرف abadi السبت يوليو 07, 2007 2:19 pm

خديجة بنت خويلد (أم المؤمنين)

والله ما أبدلني الله خيراً منها قد آمنت بي إذ كفر بي الناس
وصدَّقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس
ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس
حديث شريف
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية
كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة

بداية التعارف
كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال ، فلمّا بلغها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها الى الشام تاجراً ، وتعطيـه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجـار ، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخرج في مالها حتى قَدِم الشام وفي الطريق نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل الراهب ميسرة Sad من هذا الرجل ؟) فأجابه Sad رجل من قريش من أهل الحرم ) فقال الراهب Sad ما نزل تحت هذه الشجرة قطٌ إلا نبي )
ثم وصلا الشام وباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد ، ثم أقبل قافلاً الى مكة ومعه ميسرة ، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه -صلى الله عليه وسلم- من الشمس وهو يسير على بعيره ولمّا قدم -صلى الله عليه وسلم- مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب الضعف



الخطبة والزواج
وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما كان من أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- فبعثت الى رسول الله وقالت له Sad يا ابن عمّ ! إني قد رَغبْتُ فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك وأمانتك ، وحُسْنِ خُلقِك ، وصِدْقِ حديثك ) ثم عرضت عليه نفسها ، فذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له Sad إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك ) ووصل الخبر الى عم السيدة خديجة ، فأرسل الى رؤساء مُضَر ، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك ، فكان وكيل السيدة عائشة عمّها عمرو بن أسد ، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل ، ووكيل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمّه أبو طالب
وكان أول المتكلمين أبو طالب فقال Sad الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل وضئضئ معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسُوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا ، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به ، وإن كان في المال قِلاّ ، فإن المال ظِلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد مَنْ قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وقد بذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهباً ونشاً -أي نصف أوقية- وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل )
ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا Sad الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم ، وقد رغبنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله )
كما تكلم عمُّهـا عمرو بن أسـد فقال Sad اشهدوا عليّ يا معاشـر قريـش أنّي قد أنكحـت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد ) وشهـد على ذلك صناديـد قريـش

الذرية الصالحة
تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، وولدت السيدة خديجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم -وبه كان يكنى- ، والطاهر والطيب -لقبان لعبد الله - ، وزينب ، ورقيـة ، وأم كلثـوم ، وفاطمـة عليهم السلام فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه -صلى الله عليه وسلم-

اسلآم خديجة

وبعد الزواج الميمون بخمسة عشر عاماً نزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- فآمنت به خديجة ، وصدقت بما جاءه من الله ، ووازرته على أمره ، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله ، وصدق بما جاء منه ، فخفف الله بذلك عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له ، فيحزنه ذلك ، الا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها ، تثبته وتخفف عليه وتصدقه ، وتهون عليه أمر الناس ، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- Sad أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قَصَب -اللؤلؤ المنحوت- ، لا صخب فيه ولا نصب )



فضل خديجة

جاء جبريل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال Sad إن الله يقرأ على خديجة السلام ) فقالت Sad إن الله هو السلام ، وعلى جبريل السلام ، وعليك السلام ورحمة الله )
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- Sad خيرُ نسائها مريم ، وخير نسائها خديجة )



عام المقاطعة

ولمّا قُضيَ على بني هاشم وبني عبد المطلب عام المقاطعة أن يخرجوا من مكة الى شعابها ، لم تتردد السيدة خديجة في الخروج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي يحملها وعلى الرغم من تقدمها بالسن ، فقد نأت بأثقال الشيخوخة بهمة عالية وكأنها عاد إليها صباها ، وأقامت قي الشعاب ثلاث سنين ، وهي صابرة محتسبة للأجر عند الله تعالى

عام الحزن

وفي العام العاشر من البعثة النبوية وقبل الهجرة بثلاث سنين توفيت السيدة خديجة -رضي الله عنها- ، التي كانت للرسول -صلى الله عليه وسلم- وزير صدق على الإسلام ، يشكـو إليها ، وفي نفس العام توفـي عـم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبو طالب ، لهذا كان الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- يسمي هذا العام بعام الحزن



الوفــــــــاء الجل

قد أثنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السيدة خديجة ما لم يثن على غيرها ، فتقول السيدة عائشة Sad كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوماً من الأيام فأخذتني الغيرة ، فقلت Sad هل كانت إلا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها ) فغضب ثم قال Sad لا والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس ، وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء ) قالت عائشة Sad فقلتْ في نفسي : لا أذكرها بعدها بسبّةٍ أبداً )
ولدت خديجة فكانت صورة عن والدتها فاطمة . فقد ورثت منها الجمال الرائع ، كما ورثت
عن والدها خويلد الحزم والذكاء ، وعن إبن عمها ورقة بن نوفل العلم والحكمة . ونوفل هو أحد أربع رجال خاصموا قريش في عبادتها للأصنام ولما لم تستجب لهم اعتزلوهم .

لقد عرفت خديجة في قبيلتها بأنها الطاهرة . وبعد أن تزوجت رجلين وتوفيا ، كانت ترد الخطاب بأدب متذكرة رؤيا عظيمة مع تفسيرها سنذكرها لاحقا . وقد ورثت عن زوجها الأول مالا وفيرا، وأصبح لديها هند وهالة . أما من زوجها الثاني فقد ورثت مالا وفيرا أيضا ، لكنها لم تنجب منه أولاد .
وقد سمعت سيدتنا خديجة برسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان صيته بين الناس الأمين . يقدرون صفاته ، وأخلاقه ، ويحترمون أمانته وورعه ، ويثقون بحكمته .
في يوم من الأيام ، أرسلت سيدتنا خديجة إبن عمها خزيمة الى أبي طالب . وعرضت عليه عرضا سخيا مقابل أن يتولى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أمر تجارتها وقوافلها المحملة بمختلف البضائع .
وذهب ميسرة غلام سيدتنا خديجة مع الرسول الكريم في التجارة . وقد ألقى الله عز وجل على ميسرة محبة للرسول الكريم . فترى ميسرة في الرحلة شديد الإهتمام والمراعاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ولقد رأى ميسرة من أمر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام شخصية خارقة ، خلق كريم ، كلمة متزنة ، مشية كلها الوقار ، حديث كله عذوبة ، أمانة ما بعدها أمانة ، صدق بالغ ، حِنكة ودراية يعجز عنها كبار التجار .
وكذلك رأى ما لا يمكن أن يستهان به . رأى ملكين يظلانه من الشمس وهو على بعيره . ورأى غمامة تتبعه في تنقلاته وتحركاته لتحميه من الحر الشديد .
وعندما آوى مرة الى شجرة ليستريح في ظلها ، أورقت وإخضرت وأزهرت . وهذه شجرة لا يستريح تحتها إلا نبي كما قال لميسرة نسطورا الراهب . كان ما رآه غير مألوفا لدى الناس . فازداد حرص ميسرة على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام .
عادت القافلة وكان ما ربحته خديجة في تجارتها هذه تفوق أضعاف ما كانت تكسبه في المرات السابقة .
وأخبرها ميسرة بما حصل معه مع سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أثناء الرحلة . فكانت تستمع بإنصات وتفكر . هنا استحضرت خديجة الرؤيا التي رأتها منذ فترة وهي : " شمس عظيمة تهبط من سماء مكة لتستقر في دارها ، وتملأ جوانب الدار نورا وبهاء ، ويفيض ذلك النور ليغمر كل ما حولها بضياء يبهر النفوس . ففسرها نوفل إبن عمها أن نور النبوة ستدخل دارها ، ويفيض منها نور خاتم النبيين

أحبت خديجة الإقتران بالرسول الكريم لما رأته من مكارم الأخلاق . وأحست بأنه نبي هذا الزمان لما سمعته من ورقة إبن نوفل عن صفاته ولما سمعته أيضا من ميسرة .
وكانت تعرف الرسول الكريم وعائلته . فأرسلت اليه نفيسة ورغبته بالزواج . ثم عرضت عليه ذات المال والجمال والشرف والكفاءة ، فكان رده عليه الصلاة والسلام بأنه لا يملك من المال ليتزوج به . فقالت نفيسة اعتبر هذا الأمر قد تم حله . فوافق النبي الكريم وتم الزواج . وكانت خديجة رضي الله عنها في سن اكتمال الأمومة ، وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في سن اكتمال الشباب . كان الزواج في حقيقته زواج عقل راجح الى عقل راجح ، وأدب جم وطيب خلق الى مثله .
كانت خديجة رضي الله عنها تهيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم تهيء لرسول الله عليه الصلاة والسلام كل أسباب الراحة والنعيم . فكانت سخية بعواطفها وأحوالها وكشاعرها . وكانت تكرم من يحب زوجها إكراما يملأ النفس رضى وسرور
وفي يوم أتت حليمة السعدية الى بيت خديجة . أتذكرون من هي ؟ نعم ، هي أولى مرضعاته . فتسارعت الذكريات الجميلة وأخذت تطفو على سطح ذهنه . فتذكر أيام طفولته ، وأيام نشأته بين ذراعي حليمة وفي أحضانها . وأخذ يسألها عن حالها . فشكت اليه ما أصابها وقومها من قسوة الحياة والقحط الذي نزل ببني سعد . ففاض عليها من كرمه . وكذلك أكرمتها سيدتنا خديجة رضي الله عنها .
فرحت خديجة كثيرا عندما علمت أنها حامل وأنها ستضع أول مولودة لها . وأحست أن من إنجابها الذرية من محمد صلى الله عليه وسلم شيء رائع يثلج الصدر ويجعل النفس تشرق بآمال عظيمة .
فوضعت أول طفلة وسماها الحبيب زينب . كان يفرح كثيرا عندما يراها فيرفعها ويقبلها في حنان. كان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام يتفرس في وجه إبنته زينب ويجد أنها تشبه خديجة. وهذا ما يزيده حبا لها . ثم جاءت رقية عندما كان عمر زينب حوالي السنتين . بعد ذلك جاءت أم كلثوم . وأخيرا ، سيدة نساء العالمين أم الحسنين ، فاطمة الزهراء . وأنجبت له أيضا القاسم وعبد الله . لكن الولدان لم يعيشا كثيرا . إذن ، أنجبت خديجة من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أربع بنات وولدين .
في العام الذي سيسطع فيه نور الإسلام ، حُبب الى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الخلاء والتأمل . فلاحظت أمنا خديجة سمات جديدة تعلو وجه النبي الكريم ، وصمتا طويلا عميقا يلازمه ، وتأملا شديدا يسرح به ، وهو مع ذلك يزداد تألقا وصفاء ويشع نورا وبهاء .
فأحست بأن أمر النبوة قد حل أجله ، فوفرت للنبي صلى الله عليه وسلم كل أسباب الصفاء ، وما عكرت عليه أبدا خلواته وتأملاته . واذا ما انطلق النبي الكريم الى غار حراء للعبادة ، ظلت عيناها ترعاه من بعيد . ولم تكتف بذلك ، بل كانت ترسل وراءه من يحرسه ويرعاه دون أن يقتحم عليه خلوته ، أو يعكر عليه صفاءه ، أو يقطع صلته بربه في ذلك الغار .
فلما أصبح عمر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام 40 عاما ، أشرقت عليه أنوار النبوة ، وأكرمه الله عز وجل برسالته ، وبعثه الى خلقه .



بداية الوحى

أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة . فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حُبب اليه الخلاء ، وكان يخلو بغار حراء يتعبد الليالي حتى جاءه الحق وهو في غار حراء .
في يوم خالد كريم ، وفي ليلة مباركة هي ليلة القدر ، أشرقت الأرض بنور ربها واصطف الملأ الأعلى وازينت السماء ونادى المنادي : هذا يوم البشرى .
ثم هبط جبريل عليه السلام بالأمر المبين الى الرسول الكريم . فقال له : اقرأ . قال النبي : ما انا بقارىء . فأخذه سيدنا جبريل وضمه بقوة ثم أطلقه ، وكرر الأمر ثانية . في المرة الثالثة : قال النبي ماذا أقرأ ؟ فطلب منه سيدنا جبريل قراءة : " اقرأ بإسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم " .
بعد هذه البشرى وبعد هذا اللقاء العظيم ، عاد النبي الكريم الى الصدر الحنون والقلب الكبير ، والنفس المواسية . عاد الى خديجة مرتعبا يحدثها بما رأى وسمع . فهدأته سيدتنا خديجة . وقالت له : أنه أُريد بك الخير العظيم . ومدحته بالحق فقالت إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتكرم الضيف ، وتعين على النوائب . ثم بعد أن هدأت نفسه ، أخذته الى ابن عمها ورقة بن نوفل . فقال ورقة : " قدوس قدوس ، والذي نفس ورقة بيده ، لقد جاءك الناموس الأعظم الذي كان يأتي موسى ، وليتني أكون حيا إذ يُخرجوك قومك . وبالفعل عاداه قومه وعذبوه .

كانت خديجة أول من آمن بالدين الحنيف . لم يسبقها رجل أو امرأة . كان النبي الكريم لا يسمع شيئا يكرهه من رد عليه ، وتكذيب له ، فيحزنه ذلك ، إلا فرج الله عز وجل عنه بخديجة . اذا رجع اليه تثبته ، وتخفف عنه وتصدقه ، وتهون عليه أمر الناس .
علي بن أبي طالب هو ابن عم الرسول الكريم . كان ثاني من أسلم بعد خديجة . فقد آمن في سن الصبا قبل أن يبلغ الحلم . فشب معه الإيمان حتى خالط مشاعره وملأ قلبه ، وأفعم بالنور روحه . وكانت العناية الإلهية قد ساقته الى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجه خديجة الطاهرة .
وآمن أيضا زيد ابن حارثة الذي فضل البقاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على العودة مع أبيه وعمه الى دار الكفر .
ولا يجب أن ننسى بنات الرسول الكريم ، أسبق السابقات الى الإسلام ، فصدقوا برسالة أبيهن سيد الخلق ، الذي كان أبا قبل أن يكون رسولا .
الله عز وجل فرض الصلاة على سيدنا محمد أول ما بدأ الوحي . فعلمه سيدنا جبريل كيف يتطهر للصلاة . فعلم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بدوره زوجته ذلك . فكانت أسبق السابقات الى الصلاة .
ومكث سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام يدعو الى الله عز وجل سرا 3 أعوام . حتى أمره الله أن يجهر بدعوته . فنزلت الآية الكريمة : " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين " .
في هذه المرحلة ، بدأ الصراع العنيف الحاد من قبل قريش لدعوة الحق . وامتدت يد قريش الى تجارة خديجة تنال منها . فتصادر الموارد ، وتقطع السبل ، وتحرض الأتباع ، وترشو المساهمين . فكانت رضي الله عنها تتقبل كل ذلك راضية مرضية .
ولقد أمعن أبو لهب مع زوجته أم جميل حمالة الحطب ، في إيذاء النبي الكريم . فأمر ولديه عتبة وعتيبة أن يُطلقا ابنتي رسول الله رقية وأم كلثوم نكاية ليُحزنوه فتخف دعوته الى الدين الحنيف . وسرعان ما تزوج عثمان بن عفان ، الرجل الذي كانت تستحي منه الملائكة ، من رقية . فأبدلها الله عز وجل خير من زوجها الأول . فلا ننسى عند المصيبة أن نقول : " اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خيرا منها " .
ويأتي جزاء سيدتنا خديجة ، الزوجة الوفية ، المؤمنة الصابرة ، والمسلمة المجاهدة . فقال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام مبشرا لها : " الله يقرؤك السلام على لسان جبريل ويبشرك ببيت في الجنة من قصب ذهب لا نصب فيه ولا صخب " . فقالت خديجة رضي الله عنها : هو السلام ، ومنه السلام ، وعليك السلام يا جبريل .
أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة الى الحبشة ، فرارا من أذى قريش وظلمها . فودعت خديجة ابنتها رقية المهاجرة مع زوجها عثمان ، وقلبها يتفطر فراقا لفلذة كبدها .
أشتد الضغط على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه . فقرر كفار قريش قتل الرسول الكريم لتحطيم الدعوة وقتلها في مكة ، قبل أن تعم الأرض .
وثار بنو هاشم وبنو المطلب على ما أجمع عليه كفار قريش . وأعلن بنو هاشم حمايتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان منهم المؤمن ومنهم الكافر . فنبذ كفار قريش هاتين القبيلتين بالكامل وأخرجوهم ( مؤمنهم وكافرهم ) الى شُعب ابي طالب . وضيقوا عليهم بمنع حضور الأسواق ، وألا يناكحوهم ، وألا يقبلوا منهم صلحا حتى يسلّموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل . وكتبوا بذلك صحيفة علقوها على الكعبة المشرفة .

مضت ثلاث سنوات عجاف على المسلمين ، وهم محاصرون داخل الشُعب . كانت أيامهم فيها أيام شدة وضيق . فقد نفذ بعد السنة الأولى ما كان عندهم . وراحوا يصرخون يطلبون الطعام ، فكانت دموع النساء تنهمر ، وأكباد الرجال تتفتت .
وكان لخديجة في سنوات المحنة فضل كبير . كانت تواسي نساء المسلمين بنفسها ومالها ، وتنفق انفاق من لا يخاف فقرا . وتغدق عليهم من فيض حنانها ومحبتها وإيمانها . ثم انهارت مقاومة قريش ، وعاد المسلمون الى مكة ، وهم أصلب عودا .
توالى الوحي ، وأخذ أمر الرسالة يقوى ، ورايتها تعلو ، والصراع بين الإيمان والكفر يشتد ، وأخذت وفود العرب تتعرف على محمد ودعوته .
وفي عام واحد ، أُصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بحادثتين كبيرتين جعلاه يسمي ذلك العام بعام الحزن .
فقد توفي عمه أبو طالب الذي كان درعه الواقية ، يدفع عنه الأذى ويحميه ، تهابه قريش لمكانته فيها وتحترمه لرجاحة رأيه . فمات الرجل الذي كفله صغيرا ، ورعاه يافعا ، وحماه نبيا .
ثم لحقته خديجة . فقد أوهنت سنوات الحصار والمقاطعة يقسوتها جسد الطاهرة والمجاهدة الكريمة الصابرة . فسقطت صريعة المرض . وأحس النبي صلى الله عليه وسلم بالحزن والأسى، كما أحاطت بالفراش الطاهر بناتها يبكون أغلى الأمهات وأكرم المجاهدات .
ثم دنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا وهو يقول : " ما أمر الفراق يا خديجة ، سيكون اللقاء في الجنة ، في قصرك يا خديجة الذي أعده الله لك من لؤلؤ مضيء . فتجيبه الصديقة مع آخر نسمة من نسمات الحياة : " إن شاء الله " .
ويبكي النبي ، وتبكي بناته ، ويخلو البيت الكريم من الشعلة الإيمانية التي أضاءت حياته وآفاقه 28 عاما . ولحقت خديجة بالرفيق الأعلى ، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا .

وظلت خديجة رضي الله عنها في قلب النبي الكريم في كل مناسبة . فيكثر من الثناء عليها . ويبدو أن ثناء رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة رضي الله عنها أثار غريزة الغيرة عند عائشة التي تزوجها بعد وفاة خديجة بثلاث سنوات . فقالت : " ما غرت على امرأة ما غرت من خديجة ، مما كنت أسمع من ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لها " .

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبر صديقات خديجة وأهلها بعد موتها ، إحياء لذكراها ووفاء لطهرها وكرمها .

صلى على آل رسول الله
abadi
abadi
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 39
تاريخ التسجيل : 03/07/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى